الخميس، 21 فبراير 2013

شاعر أردني يرى أن غياب الإبداع المحلي عن المشهد العربي متعلق بعوامل التسويق سلطان الزغول: النقد في الأردن يمتلك على الرغم من سلبياته طاقات خلاقة


سليم النجار/جريدة الغد الأردنية
عمان- قال الناقد والشاعر سلطان الزغول إن الكتاب يشكون عادة من غياب المتابعة النقدية لإبداعاتهم، مضيفاً أنَّ الكثير من الكتاب يشيرون إلى سيطرة المحاباة والعلاقات الشخصية، وسياسة تبادل المنافع على المشهد النقدي.
وفي حوار مع "الغد"، يؤكد الزغول أنَّ النقد في الأردن، على الرغم من شوائبه وسلبياته، يمتلكُ طاقات خلاقة وقادرة على الإضافة المتميزة للنقد العربي. ويتابع "لا أتحدَّثُ عن المتابعات الصحفية وشبه الصحفية، والتي يسيطر عليها عادة قراءة النص قراءة خارجية، ولكن أقصد النقد الذي يغوص في العالم الداخلي للنص الإبداعي، ويتماهي مع تجلياته الفنية".
 ورأى الزغول أنَّ على المبدع الصبر على متلقي نصه، مذكِّراً أنَّ بعض الإبداعات الأدبية التي تمتلك بعداً إنسانياً، ترجمت إلى أغلب لغات العالم الحية.
ويُنوِّه الزغول إلى أنَّ القصيدة في الأردن جزءٌ من حركة الشعر في الوطن العربي، كما تأثَّرت القصيدة الشعرية في الأردن، بالحركة الشعرية العالمية. ويقول "السياقات كما أعتقد متشابهة، والمرجعيات هي نفسها تقريباً. ولا أنفي هنا التمايزات والخصوصية المنبثقة عن عوامل محلية أصيلة، لكنني أشير إلى اللغة الواحدة التي تبنى القصيدة من خلالها".
ويرى الزغول أنَّ القصيدة الدرامية المدورة موسيقيا عند محمد بنيس في المغرب، مثلما تجدها عند حكمت النوايسة أو أي شاعر أردني آخر، وكذلك هي حال قصيدة النثر المعبأة بالصور والبلاغة الطاغية التي تتمثل بمدرسة أدونيس، أو تلك التي تنحاز لبساطة التفاصيل اليومية.
ويعيد المشكلة الزغول إلى قدرة المتلقي على متابعة مرجعيات القصيدة، وما تحمله من فكر، وما تكتنزه من صور ودلالات عميقة عبر لغة مكثفة فائقة. ويوضح الزغول باختصار "المشكلة ليست في غابة الشعر، فهي ما تزالُ عامرة بالطزاجة والمفاجآت، وما زالت غنية ومدهشة".
ويؤكد أنَّ غياب الإبداع الأردني عن المشهد العربي متعلق بعوامل تسويق المبدع الذي يضطلع بها الإعلام عادة، فالإبداع الأردني متميِّزٌ في مختلف صنوفه، وتبقى مهمة توضيح وجلاء صورته المشرقة خارج الأردن من مهمات الإعلام الوطني الذي يمكنه أن يساهم بفعالية بذلك. 
ويُشير الزغول إلى أنَّ هناك تنوعا إبداعيا غنيا تضج به الساحة الأردنية التي لا يقل غناها الأدبي والفني عن أي ساحة عربية أخرى، بل إنها كثيراً ما تتفوق على غيرها، لكن ما ينقصها هو وجود مؤسسة وطنية تعنى بتسويق المبدع الأردني على أسس منهجية مدروسة، ولعل إنشاء هكذا مؤسسة من المطالب الملحة الآن.
ويوضح "عندما كنت أستعد لكتابة أطروحتي لنيل درجة الماجستير في الأدب والنقد، كنت محتاراً بين إعداد دراسة سردية، أو تناول ظاهرة شعرية". ويضيف "عملت أخيراً بنصيحة الدكتور خليل الشيخ الذي اقترح عليّ البحث في صورة الأب في الشعر العربي الحديث، بما يعنيه ذلك من تواصل مستمر مع القصيدة العربية، وتتبع بنائها الفكري والفني". 
ويقول إنَّ الشاعر محمود درويش هو الأكثر عناية واهتماماً بتمثيل الأب في الشعر العربي، فهو يحضر في شعره الأول، ابتداء من ديوانه "أوراق الزيتون 1964"، ثم يبرز تباعاً، حتى يتوهج ويغطي كثيرا من قصائده من تسعينيات القرن الماضي.
 ويضيف "يدأب درويش على التعبير عن معاناة الإنسان الفلسطيني في تحولاته المختلفة، ولا تخرج تمثيلات الأب عنده عن هذا النهج الشعري الذي جعل منه شاعر القضية الأول". ويشير الزغول إلى أنَّ الأب عند درويش، الفلاح المتشبث بأرضه، واللاجئ المشرد يحلم بالعودة إلى طنه، أو الثائر على الظلم في سبيل العودة. ويرى الزغول أنه عندما انحسرت أحلام الثورة، بنى درويش عالماً شعرياً نظر فيه إلى التمثيلات نفسها، لكن في مرآة فنية جديدة أكثر تماسكاً ورقياً، تمتد فيها صورة الأب لتحتضن الأب القديم كنعان، جنباً إلى جنب مع أبي محمود الذي بدأ يكتب من خلاله سيرة الإنسان الفلسطيني المتمسك بحقه في أرض فلسطين، رغم تكالب الدنيا على إنكار هذا الحق. ويخلص إلى القول "لقد كتبت قصيدة محمود درويش سيرة الأب الفلسطيني في ارتباطاته بالزمان والمكان، وقدمت صورة واضحة عن تمثيلات الأب في الشعر الفلسطيني الفريد في منطلقاته ووسائله وروحه، واتصاله بالفردوس الفلسطيني المفقود".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق