السبت، 28 يناير 2012

نانشانغ - سلطان الزغول

• لقطة قريبة
كان الضباب يلتهم «نانشانغ»(1)
يتغطّى «جان جيانغ»(2) بالرماد الكثيف...
والنساءُ يُعلِنَّ الصيفَ على الرماد المتساقط
كنتُ أندهشُ وأمشي...
كنت أُزَنِّر الصباحَ بالأسئلة،
وألتهمُ الأفقَ المتخفّي قربَ البحيرة الراكدةِ هذا الربيعَ الرطبَ في نانشانغ.
أيار 2011

• لقطة عميقة
 كانت «نانشانغ» تتسربلُ الضبابَ
 كان «جان جيانغ» يضجُّ بالغيم
 كان الربيعُ يتلبَّسُ الصّيفَ
 كان الصيفُ يعجُّ بالشتاءِ
كانت النساءُ تُلقي على ضفةِ النهر البهجةَ 
فتكبرُ ماءً يُلقيهِ النهرُ إلى السماء، 
فيكبرُ غيما 
يُلقيه الغيمُ إلى الأرض، 
فترفعُ النساء مظلاتهنَّ خجلاً من بهجة صارت مطرا يتساقطُ على قلبي...
كنتُ أعجُّ بالغيم يَلْبَسُني حتى أكادُ أمطرَ
فتُمْطِرُني البهجةُ غيماً على غيمي
يتراكمُ الغيمُ فأزدادُ دفئا،
أمشي دون مظلّة
تدفعُ كتفي امرأةٌ بسيقان من البلّور الطازج 
تحيطني بالبهجة...
تتساقطُ البهجةُ عن شمالي ومن فوقي...
ثم تمضي مع انحسار الغيم.
ألملمُ قلبي عن ضفاف النهر لأرجعَ
أزدادُ عطشا
يزداد قلبي خفقا
تزداد المرأة بهجة
يزداد النهر ماءً 
تزداد السماء غيما
يزداد الغيم مطرا 
يغمر المطرُ الضفافَ ببهجة جديدة
تغمرُني الضفافُ بالبهجة
فيتناثرُ قلبي من جديد
وأعودُ لأجمَعَهُ
تحت مظلَّةِ امرأةٍ تضيءُ الطريقَ
تتقي البهجةَ بمظلَّتها
حتى لا تُغرقَ المدينة...
تشرين الثاني 2011

(1) عاصمة مقاطعة جيانغشي الصينية ذات الطبيعة الخلابة.
(2) النهر الرئيسي في مقاطعة «جيانغشي»، ويخترق مدينة «نانشانغ».

الجمعة، 27 يناير 2012

حطبٌ غَضّ / مها العتوم

إذا كنتَ قلبي..
فاخلفْ مواعيد حزنكَ
واضحك إلى الفجر من كل شيء
ومنكَ..
ومن خلل في العلاقةِ 
بين النوارس والبحرِ
قد لا تكون النوارس جاهزة للرحيلِ
وقد لا يكون لدى البحر
ما يجعل الموجَ أهدأ
حين تطِشُّ بأقدامه الماءُ
هل أنت قلبي؟
فأجّل بكاءك حتى ترى
ما تريد السماء من الماء
قد لا تخفّ الملوحة في الدمع
لكنّ فصلَ الشتاء كفيلٌ بغسلكَ
من كل نار
تراك مكاناً وحيداً لها
وانتظرْ
قد تظل تراك المكان الوحيد لها
واعتذر أنت منها،
وقدّم لها الحطب الغضَّ
حتى تراك جديراً بها
وإن كنتَ قلبي
تمرّدْ عليكَ
على العطر في الورد
وامشِ على الشوكِ
واركض ككل الحفاة بلا قدمينِ
سيتبعك النهرُ
.. ما فيه من نرجس
لو رآك اشتهاكَ
ولو ضدّ صورتهِ
في سواكَ
.. فهل أنت قلبي لتتبعني؟!
لستَ قلبي..

الخميس، 5 يناير 2012

خربشة على قطار/ حكمت النوايسة


* (إلى زياد العناني) 

(واحد) 
يسير القطار بنا ونشاغب، نزجُرُه بثقافة ناقتنا البائدة ويسير القطار..
نحاول أن يدركَ السائقُ المتماوجُ مع خربشات الطريقِ تشاكُسَنا...ويسير القطار
نحاولُ أن نُجلسَ الغيمة المستريبةَ في عينه...
ويسير القطار...
يمرُّ بهم دونما لفتةٍ، أو إمارةِ لفتةْ
يمرّ ويهرسهم واحداً واحداً...
ما سمعتُ صراخاً، وما ذرفتْ عبرةٌ للقطار..
وما نشفتْ دمعةٌ مذ ركبنا..
ولا هدأت هامةٌ... أو ترجّل شكٌّ

(اثنان)
وها أنت ذا.. بمساحة صمتٍ
تُداوِرُ مثل سبيبٍ عتيقٍ
لتهزأ بالعازفِ المجهريّ على وترٍ لا يراه القطار..
ولا يتأفّفُ، أو يعتريه السَّأمْ
يسيرُ القِطارُ يسيرُ...
تعالَ ... وشاركْ رفاقَكَ في سأمٍ يا قِطارُ

(ثلاثة)
إليك وأنت تجادلني نزقًا
وتقودُ البلاغةَ من رأسها المتمرّدِ
نحوَ تخومٍ تخونُ
إليك..
وأنت أنا، حين قلت ضميريَ يوجعُني ...
وبكيتْ
وكنّا إذا خاسِرَيْنْ
أيُّ لعبةِ (زِفْتٍ) بها يخسر الطرفان!

الثلاثاء، 3 يناير 2012

نهر قليل الماء والبأس/ أحمد الخطيب


غرّبوا صوب نهر الماءِ،
وانكفأتْ حدائقنا إلى الحدْسِ
وتمثّلوا وجهاً بعيداً...،
شارداً من لوثةِ الرأسِ

...الوزنُ أنجبَ في مماحكة القصيدةِ
مغنماً جَدَلَ الكلامَ الصّعبَ بالشمسِ
فحسبْتُهُ في القاعِ
من درجاتهِ نهراً قليلَ الماء والبأسِ

غرّبوا يوماً،
وما تركوا رياحاً داخلَ الكأسِ
فهتفتُ تحيا الممكناتُ اللائماتُ
هوًى...، سريري
وهتفتُ بامرأةٍ من النعناعِ، سيري
قد رغبنا عن مداعبة النساءِ،
وظنَّ فينا الناسُ...، أنّا قد تزيّلنا
الحمامَ بمدرج الحبسِ
وهتفتُ تحيا الكائناتُ المائلاتُ هوًى،
...وما قفز المسلسلُ عن مصيري
ورأيتُ أنّ الغيمَ لا يرسو على نهرٍ
من الإيقاع والجِرْسِ

رَغِبوا كثيراً في مجالستي...،
وأُنسي
فتفتَّتَ العظمُ المخبّأ في الخلايا،
والتصقنا،
ثمّ طوّرنا نباتَ العمرِ،
أوقفنا المرايا عن أسنّتها،
وعشنا نرقمُ التاريخَ بالجِبْس.
هل حرّكوا مائي؟!
إذنْ يا صوتُ لا تعقدْ نواصينا على جَدَلٍ،
وجدِّلْ مسرحَ الغزلانِ...،
قلْ يا نفْسُ ما أحراكِ من نفْسي،
وما أغواكِ إلا نافخُ المعنى على القوسِ

بُلِيْنا بالكتابةِ تحت خطّ النارِ،
سيّرنا الخطى ليلاً إلى ما يشبهُ المعنى،
وقلنا: كم أتينا قائمينَ وجالسينَ...،
كما العذارى اليائساتِ هوًى على عُرسٍ
من اليأسِ

النصُّ مفتوحٌ
...كذا المعنى
فلا تأسى على لغةٍ تطايرَ من براريها
حوارُ الموتِ في العرسِ.