الخميس، 22 سبتمبر 2011

عذرا " اوباما "/عكرمة ثابت




سيادة الرئيس باراك حسين اوباما
رئيس الولايات المتحدة الامريكية
تحية فلسطينية وبعد ،،،
أنا مواطن فلسطيني لي بيت ووطن وعنوان سكن ، ولي جذور تمتد طويلا عبر الحضارات والثقافات ، أسير محرر من سجون الاحتلال الإسرائيلي ومن عائلة فلسطينية متشبثة في هويتها الوطنية والنضالية ، والدي مربي اجيال وعمي طبيب إغتالته رصاصات الاحتلال المعادية لرسالته  الإنسانية ، لي اخ وقريب وزملاء وابناء عمومه لا زالوا يقبعون خلف جدران القهر والعذاب في دولة الاحتلال الوحيدة في عالمكم الذي يتغنى بالعدالة والديمقراطية ، ولي منذ سنوات طويله اصحاب واحباب قضوا نحبهم على مذبح الحرية والإستقلال ، وآخرون - لا يعد عددهم ولا يحصى - مضوا إما جرحى وإما منفيين مهّجرين في دول تقف الآن لتعترف أمامكم باننا لسنا مجرد ارقام وإنما بشر نستحق الحياة .
انا الفلسطيني الوحيد الذي لا زال يبحث في عالمكم عن مكان يرى فيه الشمس وينعم فيه بحرياته المدنية وحقوقه الإنسانية والقانونية ، لا بل بابسط المباديء والقواعد التي وقفت انت بشخصك العظيم ومرتبتك السامية لتتفاخر بترديدها أمام غالبية دول العالم المجتمعة في عرينك تحت مظلة الجمعية العامة للامم المتحدة في دورتها السنوية السادسة والستين .
لقد إستمعت بإمعان الى خطابكم الذي كان من المفترض أن يعكس رؤيتكم الحقيقية للواقع بصفتكم الرئيس الرابع والأربعين للولايات المتحدة الأمريكية مختص بالقانون ومهتم بحقوق الإنسان وحاصل على جائزة نوبل للسلام لعام 2009 نظير جهوده في تقوية الدبلوماسية الدولية والتعاون بين الشعوب ، وعلى الاقل كنت أتوقع أن لا يخرج خطابكم الدولي والأممي عن الخطوط العريضة لشعاراتكم التي رفعتموها في حملتكم الانتخابية للرئاسة الأمريكية في بداية فبراير 2007 .
ورغم أنك إفتتحت خطابك مبتهجا فرحا بسنة الربيع الرائعه وفي انتهاء عصر انظمة الحكم والاستبداد في ليبيا وتونس ومصر ، وتوعدت سوريا بفرض العقوبات ، ووعدت الدول التي تنتقل الى الديمقراطية بالدعم التجاري وتنشيط الإقتصاد ، الا انك لم تتطرق مطلقا إلى المغالاة الإسرائيلية في الإستبداد والظلم وارتكاب الجرائم الانسانية بحق الشعب الفلسطيني الأعزل في الضفة الغربية وقطاع غزة وفي فلسطين المحتلة عام 1948 وفي مدينة القدس – مهد الديانات ومسرى الانبياء – ولم تتوعدها بإتخاذ اي إجراء ضدها ، لا بل ناقضت نفسك عندما تابعت خطابك مستشهدا بالمادة الاولى من الاعلان العالمي لحقوق الإنسان حين قلت " أن العهد الدولي المعترف بأن الناس ولدوا احرارا ومتساويين اصبح الآن واقعا " ، إذ  أين هي الواقعية في كلامك هذا ؟!! أنسيت أم تناسيت أن هناك شعب بأكمله – والوحيد من بين شعوب الارض - لا زالت حريته مسلوبه ولا زال يعاني ويلات الإحتلال ، وأن العهد الدولي لم ينصفه ولم يحقق له حتى هذه اللحظه الحرية والمساواة !!!
إنني أستغرب يا سيادة الرئيس ، كيف يتم التغني على منصة الأمم المتحدة بمباديء العدالة والانتخابات النزيهة والحكم الرشيد وبإحترام حقوق الأقليات وتعزيز الديمقراطية وتعميم مفاهيم السلام بين الشعوب ، ويتم القفز – جهرا وعلانية – عن حقوق شعب له ماض مشرف وتاريخ عريق وحضارة وتراث لا يندثر ولا يموت ؟!!! وكيف يتم المناداة بمعاقبة وملاحقة  كل من يتعدى على حقوق الانسان ، وهناك يوميا عشرات بل مئات التعديات على حقوق الانسان في فلسطين المحتلة لوحدها ؟!!!
إنني استغرب كيف يتم الحديث – حسب ما ورد في خطابكم - عن وجود حالة من الإحباط لعدم تحقيق اي تقدم في حل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني ، وانتم الذين تتفاخرون بدوركم الكبير في تطويق الحروب والصراعات وانهائها في اكثر من مكان في العالم ؟!!! ووقفتم قبل عام ( في عام 2010) في نفس المكان وخاطبتم نفس الدول مؤكدين انكم تنتظرون ميلاد دولة فلسطين المستقلة في ايلول من العام المقبل ( اي في عام 2011 الحالي )  الى جانب دولة إسرائيل ؟!!! ام ان ذلك كان للإستهلاك المحلي ولخدمة اجندات سياسية خاصة ؟!!!
لقد رددت في خطاب الفيتو - المخيب للآمال - أن السلام يعتمد على التنازلات وانه لا يوجد طريق مختصر لتحقيق هذا السلام الا بالعودة الى المفاوضات بين اطراف الصراع ، لكنك لم توضح ابدا من هو الطرف الذي يجب عليه تقديم تلك التنازلات ، علما انك - ومن خلفك المجتمع الدولي - أكثر الناس دراية بأن الطرف الذي يعيق المفاوضات ويفشل الحلول هو نفسه الذي يرفض التنازل عن خططه ومشاريعه الاحتلالية في التوسع والإستيطان ، وقد تابعت قولك على ما أذكر بأن الطريق المسدود للسلام لا يفتح الا اذا نظر كل طرف لحقوق الطرف الآخر ، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا : لماذا ترفضون النظر في حق الشعب الفلسطيني بالتخلص من الاحتلال ؟!! ولماذا ترفضون الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني بالحرية والاستقلال ؟!!!
وفي الوقت الذي يؤكد فيه الرئيس الفلسطيني محمود عباس " ابو مازن "على تمسك الشعب الفلسطيني بخيار السلام لانهاء الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة عبر المفاوضات ، ويعلن امام كل العالم ان التوجه الى الامم المتحدة لطلب الاعتراف بالدولة الفلسطينية لا يشكل نقيضا للمفاوضات ولا يهدف الى عزل اسرائيل ونزع الشرعية عنها ، يأتي خطابكم ليمنح اسرائيل الشرعية المطلقة في احتلالها للشعب الفلسطيني واراضيه ، وليبرئها من كل جرائم القتل والتشريد والتجويع والحصار والاعتقال ونهب الاراضي والمياه التي ترتكبها يوميا على مسمع ومراى من الامم المتحدة ومواثيق حقوق الإنسان الدولية ، وقد كان من الافضل ان لا يتم القاء مثل هذا الخطاب من على منصة الامم المتحدة لانه يتناقض كليا مع رسالة واهداف هذه المنظمة التي انشئت لتحقيق الامن والسلم العالميين ولتطبيق مباديء العدالة والحرية للبشرية جمعاء .